الجمعة، 30 ديسمبر 2011

مملوكة

رسالة ...قد تقبلها أو ترفضها من مملوكة ...تعلل وجودها عند استباحة الأحلام من محيطها الرائق الخاص لأمكنة أخري ملكا لآخرين، لم تكن بالنسبة لهم تكوينا،  مملوكة لا تبرأ نفسها من جدل دنيوي ،يحميها من سخرية تلصص الماديين من خيلائها ،بقدرة علي التملك بلا تملك ، لا تطلب الأشياء بل تأتيها سعيا، وهربت منها عند التحقق، تتنفس العتق المسوف للأبد وتحجب نفسها بغلالة خفية، خلف جدران شفافة ، لم تعد موجودة.
 مملوكة ...تملكتها دقائق حرة عند آخرين ، انتشت بها، وتاه عنها طير أبيض كان يظللها ،ظله كان يدفئها ، بينما تشعرها الأشعة بالبرد أحيانا ، وأحيانا أخري تستعذب لسعتها، كذلك فقدت مورد مائها / أو بمعني آخر تم ابعادها لسبب أو لآخر لا تريد الكشف عنه الآن، اقتنعت أخيرا أن الأحلام فقط لمن لا يعلن عن أحلامه، وأن الأسفار لن تعود بصراخها.
لم يعد يعنيني كثيرا هجرة العزلة، فالعزلة لا تتحقق كثيرا بين جدران صامتة، بل أستشعر حقيقتها في الضوضاء، لم تعد تعنيني كثيرا ، فهي ليست لي، لم تكن ولن تكون، حياتي ليست حقيقة ملموسة واقعية، قلما تتقاطع مع الأرض، وعندما تكون كذلك تكون رحلة للاختناق، للموت البطيء.
مملوكة...تعيش في عالم من مماليك يظنون أنفسهم أحرارا من أغلال عتيقة يعبدونها أكثر من عبادتهم الإله، يخشونها أكثر من خشيتهم خيانة الصدق الكامن بوجدانهم، يقبلون تدنيس بحيرتهم المقدسة

مملوكة... قبلت اعلان عبوديتها دفعا للحرب الفكرية المعلنة حولها، رغبة في أسرها، مفتاح الحرية علمك أن لا حرية في الاختيار ، لأن اختيارك لا يقبل العيش في ظل اخوف، لابد له من حارس يدفع الشظايا المتناثرة، ولأن الاختيار ثمنه فقدان السلام الوهمي الذي يقنعك به عدمك، قد لا تقنع بتفسيرهم وقد لا يعجبك حديثهم ، وقد تنزوي مختبئا من مهاتراتهم السفسطائية عن الزهد المقنع، والترفع المصنوع، لا تخلو الحياة من المتطفلين عليها، لا تخلو الحياة من موات.
أصوم عن الكلام، أصوم عن الشكوي، أصوم عن الاختيار، أصوم عن المشاركة، أعيش بدوني، أعيش بدونهم، ولا تتوقف الحياة، إلا بالعيش بلا أمل.
أصوم عن الكلام حينا ، ثم تنفجر الكلمات، وتنفجر الرؤي، وتتوه الأرض بي، وتهرب نفسي إلي الأحلام ليلا لمتنفس آخر بسبب صيامي عن الورق، الورق لا يملني، الورق هو الرفيق الوحيد، والكلمات التي تتملكني هي آسرتي ومخلصتي ولا خلاص.
العذاب الذي يسوقه الجلاد أهون من سوط أفكاري ، وأقل إيلاما لروحي
عذاب الجسد أهون من عذاب روحي المختنقة بيدي، وبيد كل من يتملكوني ، وما أكثرهم.
من أتخلص من أسره أولا ؟وكيف السبيل للخلاص ؟إلا بأسر آخر أكثر رحابة وأكثر استيعابا لروحي
من الذي ملكته نفسي وروحي غير هيابة بطشه بهما في سورة الغضب،
رسالة قد تدعو شفقتك وعطفك، أو غضبك وازدراءك، من مملوكة ، اعتادت نظرات الترفع من نفسها ومن المتعطشين للتملك، ومن سادة البشر ومن المدعين،ومن اللائمين، فلا شرف لشيء يتطلب عبوديتك له الا هو.
لكنها ما زالت مملوكة.... لكل من ذكرت سالفا.

 مي حواس
7-2010

الجمعة، 9 ديسمبر 2011

أنيميا المدن

مَدينَتي
تَمْتَدُّ بيْنَ شَرْقٍ وغَرْبْ مُتَلاحِمِة الأَطْراف
لا زَمَنَ ترْهَبُ
وكُلُّ مَكان لها بهِ مَكانْ

تَجْتاحُها خُصْلاتي الغَجَرِيَّةُ
صَباحًا
لتتَشَرَّبَ كُلُّ فّجْرٍ مَضي
وكُلَُ فَجْرٍ آتٍ
وتَتَرَيَّثُ بيْنَ شَوارِعِها
الواسِعَةِ والضَّيِقَة
بيْنَ بِناياتٍ أَرُسْتقْراطِيَّةٍ لا تَهْدَأُ
تَتَباهي بِزُخْرُفِ الباروكْ
ويَعْلقُ العَبَقُ بخصلاتي بيْنَ مَشْرَبِيّاتٍ ذاتَ حَياء
تسْرِعُ بَيْنَ آثارِها المُتَناثِرَة
كدوامَةِ الزَّمَنِ
تُحاوِلُ اللِّحاقَ بِهِ
وتخترق كإعصارٍ كُلُّ الجُدْران
المُتَحَدثةِ بِتاريخِها المَكْتومِ المَنْسِيَّ
حِكاياتٌ كَثيرَةٌ ولا أُذُنَ تَسْمَعُ
أو وَعْيٌ يَتَجاوَزُ الفَرْدِيَّةُ
تَرْتَوي خُصُلاتي بِعُبورِها قَصْرَ النيل
إِلي صَراحَة كُتَلَ النيل
وكآبةِ سَميراميس
وتَنْتَشي خُصُلاتي بِعَبَقِ التَّحْريرِ الشَّيِّقِ القَديمْ

ومُرْتَعِدةً تَلْثمُ كُلَّ جِدار
لعَلَّهُ َيْهُربُ إِلي مَكانٍ آخَرَ
ويتْرُكَ المَكانَ خاويًا

لَعَلَّهُ يَهْرُبُ إِلي بَلَدِ الغَريب
الطامِعِ فيهِ
لعله يَأِسَ مِن أَنيمْيا
أَنيمْيا الذاكِرَة
تَمْحو كثلَّ سَطْرٍ بَنّاء
وكل خَدْشٍ يَحْكيهِ البِناء

لَعَلَّهُ يَخْشي أَنْ يَتَلَّقي
كلَّ الرَّصاصاتِ القاتِلَةِ
لِيَكونَ مَثْقوبًا كأَرْواحِنا
...
تَعودُ خُصُلاتي مُنْهَكَةٌ
مُجْدَبَةٌ
آخِرَ اللَّيْلِ
تَعودُ كَطِفلَةٍ
تَبْكي لِوِسادَتي
كُلَّ الآهاتِ المَكْتومَةِ
في جُدْرانِنا

مي حواس