الجمعة، 10 نوفمبر 2017

في حب الشجر


ليس هناك أجمل من ضوء العصر المنعكس علي أوراق الشجر، لا يوجد ما هو أكثر امانا من ألق أفكار هذا الضوء، قد يمنحك شعورا بالسلام بينك وبين الناس، كل ورقة شجر يتغير لونها مع هذا الضوء تبعا للونها الأصلي ، بعض الأوراق أكثر اخضرارا من الأخري فتعكسه، والبعض الأقل اخضرارا يتخلله الضوء لتلقي جزيئاته تفردا في الهواء انتشارا، مع قليل من الغبار وتلقي الأوراق ظلالها علي اوراق أخري بكل رقة وحنو، وتتفرع الأوراق الخضراء من الفروع متتالية تظلل إحداها الأخري، وتنمو في مكانها بحب وتناغم، وجميل في ذلك ان الفروع الكثيرة جدا تتفرع من كل مكان من ساق هذه الشجرة العظيمة، وياتي الضوء متخللا إياها 

مانحا الحياة، كل ورقة تعيش في هدوء محبة للحياة مانحة لها كذلك، تتحقق ذاتها بالعطاء، تبدو الشجرة ف حالة سلام كاملة متجانسة مع كل المحيط، حيث تنمو الجذور ضاربة في عمق الأرض متبحرة في طبقاته كيفما سمحت لها وهي كالرادار الذي ينتقي مساره في طبقات الارض الكثيفة، وتنمو الساق لاعلي متكاملة مع الفراغ المحيط ومحتوياته، تارة تجد شجرة تحنو علي طريق سيارات ويسمح ارتفاعها بوجود فراغ يكفي عبور سيارات عالية الارتفاع، وتارة تجد شجرة تتشابك مع شجرة أخري، أو تتشكل معها، وتارة تنحني معاكسة لاتجاه آخر ظهر به بناء مفاجئ، حوار رائع، وتناغم بكل الخصائص التي تملكها، هذه الكائنات الخضراء والبنية التي تمنحنا الهواء الذي يبقينا أحياء، ما أجملها، ما أروعها، ما أدق تفاصيلها الانهائية، حيث كل فرع وأوراقه درس رائع في الحب والتناغم، هي كائنات تتفاعل معنا بلا ضجيج، بلا انفعال، بلا غضب، وبلا طمع في مقابل عطائها، هي كائنات ذات صوت رائع، وحنين لا نهاية له، هي كائن يمنح الأبوة، ويمنح الأخوة، ويمنح الإيمان.
لماذا أصبح البشر لا يستطيعون الوفاء كشجرة ؟