الجمعة، 9 ديسمبر 2011

أنيميا المدن

مَدينَتي
تَمْتَدُّ بيْنَ شَرْقٍ وغَرْبْ مُتَلاحِمِة الأَطْراف
لا زَمَنَ ترْهَبُ
وكُلُّ مَكان لها بهِ مَكانْ

تَجْتاحُها خُصْلاتي الغَجَرِيَّةُ
صَباحًا
لتتَشَرَّبَ كُلُّ فّجْرٍ مَضي
وكُلَُ فَجْرٍ آتٍ
وتَتَرَيَّثُ بيْنَ شَوارِعِها
الواسِعَةِ والضَّيِقَة
بيْنَ بِناياتٍ أَرُسْتقْراطِيَّةٍ لا تَهْدَأُ
تَتَباهي بِزُخْرُفِ الباروكْ
ويَعْلقُ العَبَقُ بخصلاتي بيْنَ مَشْرَبِيّاتٍ ذاتَ حَياء
تسْرِعُ بَيْنَ آثارِها المُتَناثِرَة
كدوامَةِ الزَّمَنِ
تُحاوِلُ اللِّحاقَ بِهِ
وتخترق كإعصارٍ كُلُّ الجُدْران
المُتَحَدثةِ بِتاريخِها المَكْتومِ المَنْسِيَّ
حِكاياتٌ كَثيرَةٌ ولا أُذُنَ تَسْمَعُ
أو وَعْيٌ يَتَجاوَزُ الفَرْدِيَّةُ
تَرْتَوي خُصُلاتي بِعُبورِها قَصْرَ النيل
إِلي صَراحَة كُتَلَ النيل
وكآبةِ سَميراميس
وتَنْتَشي خُصُلاتي بِعَبَقِ التَّحْريرِ الشَّيِّقِ القَديمْ

ومُرْتَعِدةً تَلْثمُ كُلَّ جِدار
لعَلَّهُ َيْهُربُ إِلي مَكانٍ آخَرَ
ويتْرُكَ المَكانَ خاويًا

لَعَلَّهُ يَهْرُبُ إِلي بَلَدِ الغَريب
الطامِعِ فيهِ
لعله يَأِسَ مِن أَنيمْيا
أَنيمْيا الذاكِرَة
تَمْحو كثلَّ سَطْرٍ بَنّاء
وكل خَدْشٍ يَحْكيهِ البِناء

لَعَلَّهُ يَخْشي أَنْ يَتَلَّقي
كلَّ الرَّصاصاتِ القاتِلَةِ
لِيَكونَ مَثْقوبًا كأَرْواحِنا
...
تَعودُ خُصُلاتي مُنْهَكَةٌ
مُجْدَبَةٌ
آخِرَ اللَّيْلِ
تَعودُ كَطِفلَةٍ
تَبْكي لِوِسادَتي
كُلَّ الآهاتِ المَكْتومَةِ
في جُدْرانِنا

مي حواس

هناك تعليق واحد: