السبت، 6 سبتمبر 2014

أنت لا تستطيعين الوجود الا في الدور المحدد مسبقا

يبدو أنه ما زال في القرن الواحد والعشرين من يستنكر دوما نجاح السيدات أو الفتيات أيا كانت مجال المهنة، ما زال هناك من ينظر بعين الاستهزاء لنجاحها او لمنافستها باعتبارها ليست ندا، ويزداد الغيظ عندما تكون الناجحة ليست صاخبة او ذات صوت عالي، او ذات قدرات علي الابتسامات الخلابة، أو المنافقة، أو ذات قدرة علي محاربتك والافتراء عليك ثم استباحة طردك من عملك، او سرقة نجاحك، بل من نوع مجتهد ونشيط وعنيد وذكي فقط، شروط اللعبة ان الطاعة العمياء شرطا علي المرأة سواءا في العمل ام في البيت. ربما كانت الطاعة العمياء يصاحبها عدم احترافية ممارسة المهن في بلدنا، لكن بشكل عام، لا يستطيع الشباب بدءا من سن الخامسة والعشرين وحتي الخمسين تقبل وجود المديرة أو الزميلة المنافسة، الا لو كانت ذات قوة بالشخصية تجبرهم اجبارا علي توقف اظهار عدم الاكتراث او الاستهزاء.
فربما يكون لديك مهارات في عدة أشياء لكن ليس ذلك بالقدر المهم، مقارنة بالدور المرسوم لها منذ البداية، وربما نظرة العلو والاستهزاء تصل حدا، الي انه لا يوجد مهنة مناسبة للمرأة الا عمل بالتعليم أو بالتمريض، كان هناك مرسوم إلهي بذلك، كيف استطاعت عقولهم (المتعلمة) تقبل مثل ذلك التفكير ؟ هل كان الخوف من المد الغربي باختلافه الاجتماعي عن تركيبتنا مصدرا بالغا للقلق تجعل ردود أفعالنا بتلك القسوة والظلم ؟ وهل المرأة فقط من تحتاج حماية من المد الغربي الأخلاقي، أم الرجل أيضا يحتاج غربلة كل ما يدخل عقله الواعي أو الغير واعي.
هل هناك جمل أكثر ظلما من مناقشة حكم الرجال بحتمية الطاعة باعتباره الها مبجلا، هل هناك جمل اكثر تناقضا من شاب مستهتر أو متدين يبيح لنفسه نظرات شهوانية، لكنه لا يري تناقضه عندما ينطق بكلمات مهينة لمجرد علمه ان مجتمعه يريده ان يقوم بذلك الدور الشرفي في التحكم والتاكد من أدب ونزاهة المرأة المتهمة زورا بكونها ناقصة عقل ودين وتحتاج لقوامة بمعناها المشوه في عقولهم ؟ ولاشباع كرامتهم المزعومة التي تلقي كل الاتهامات المريضة في داخلهم لأنفسهم علي الآخرين الذين يستطيعون استضعافهم ؟
هل هناك تحدي أكثر عندما يكون صوتك عورة؟ ما المقصود في العورة ؟ العورة في أذنهم التي تبدل الأصوات الي شئ شهواني حقير في عقولهم، أليست جملة ان المرأة عورة بالكامل تحد لحقها في الوجود وحقها في الاختلاف والتميز علي الصعيد الشكلي كما علي صعيد الجوهر، أليس كان بقادرا ان يخلقنا بشكل واحد أم لديهم اعتقاد ان التنوع في الخلق من أجلهم أيضا ؟
أليس هناك عقل يميز أن لولا أمهاتنا وجداتنا اللاتي واجهن تحديات ليتعلمن، أقول ان لولاهن لما كان لهؤلاء العنترية وجود الآن بهذا التعجرف الفارغ.
أقول عندما يكون الحكم ان المرأة عورة بالكامل ما عدا جزء من عينها اليسري، ألم يكن ذلك الحكم مناقضا لمشيئة الالهية بالتنوع في الخلق، والعياذ بالله، أليس ذلك تعديا علي عقل وجسد وروح ؟

هل هناك ظلمات أشد من ذلك ؟

لا شرق...لا غرب

منذ فترة تزيد عن العامين أجد الصمت يحتويني أكثر فأكثر، عزوف ليس فقط عن مناقشة بديهيات، لكن عن التفكر في كل ما يطرحه البعض باعتباره مهما، نحن ما زلنا نقف عن الأبجدية، ونبحث في معني الوضوح، لا نريد تركيبات كثيرة وان كانت واضحة، رغم أننا داخليا نتكون من عدة مكونات متراكبة وفي علاقات هندسية ثلاثة أبعاد، نعم المعني المركب رباعي الأبعاد، نراه فقط عندما نريد ان نراه، وغالبا نحن نري تركيبه دون أن نري المعني، أو نري المعني لكننا نجهل تركيبه، فما يكون تمثيل سلام الحب في مجسم أو شكل هندسي ثلاثي الأبعاد أو عدة أشكال معا ؟ وهل هناك قانون ؟ هل هذه أسئلة حقيقية ؟ لابد أن يطرح السؤال في سياق ما، وليس سؤال عام خارج أي سياق أو أطروحة منظمة.
لكن عودة مرة أخري للموضوع الأساسي، وهو ما الذي جعلني أصمت عن التعقيب في كل الأحداث السابقة، رغم كل العوامل المستفزة التي واجهتها، والآراء السطحية أو المتحيزة، نعم انه عصر التحيز بامتياز...عصر يتجلي فيه التحيز بأكثر صوره خداعا.ليس فقط تحيز بين الشرق والغرب، بل.التحيز الذي نراه حولنا لأي جهة فنحن : عنصريين حتي النخاع.
بدءا من الإنتماء القبلي مرورا الي العائلي، وأدبيات كثيرة تؤكد علي أهمية الانحياز للعائلة علي الأقل، والدعوة ليست لكسر الرابطة العائلية، لكنها حجاب وفخ قد يحجب عنا أماكن أرقي من المشاعر والأخلاقيات الرفيعة وهناك التحيز الطبقي
لكن رأس التحيز هو التحيز للمادية، وقد اشتقت منه كافة التحيزات التي نراها حولنا، نحن تخذ مواقفا تحيزا للجانب المادي للتفسير، الجانب المادي أو الملموس أكثر سهولة لفهمه بالنسبة لنا، لذلك فالإنحياز له ليس فقط بلا وعي( لأننا نبحث عما لا يختلف عما اعتدناه من روابط بين الأمور) ولكنه أيضا تحيزا لا يقبل الشك أو لااعتراف لان الدليل المادي ( الإمبريقي ) موجود عن الحدث يتحدث بدلا عنه
علي الصعيد السياسي، نجد ان تفسيراتنا لعديد من الأحداث التي وقعت دوما متناقضة، والتناقض يصل لحد يصعب معه الإتساق بين الأنسجة، فما سر ذلك التناقض الذي لا يقبل طريقا معتدلا أو متوسطا بين النقيضين ؟ وكيف لا نري تناقضاتنا في الحكم علي نفس الموقف، سر التناقض ليس إلا نتيجة التحيز والحكم المسبق علي الأحداث والأفراد، والسياسات، لا يقبل بديلا أو شكا، تحيز في موقفه يصل لليقين التام باننا علي علم بكل شئ عن مادة ما، بل لأننا نظن أنه يقين وهو ليس كذلك بل هو ظن فقط ، لأن اليقين المطلق لا وجود له، اليقين الذي لا يقبل بوجود الشك، ليس يقينا بل تحيزا.
التحيز الذي يتنكر في صورة يقين أو إيمان، هو تحيز أعمي متجمد لا يتطور إلا وفقا لآلية تزيده تحيزا، والتحيز لا يخلو منه اي بحث أم انتماء، لكن التحيز لا يعني نفي الإنتماء أو الدفاع عن إيمان، لكنه يعني ان يكون المتحيز نافيا لوجود تحيزات أخري تحيط به، وهو يخضع كل المنظومات المعرفية لآلية تفكيره وادوات تحليله إن تناقضت تلك الآليات مع أسس منظومة أخري، ومثالا علي ذلك، نجد "أولج جرابار" يحاول إعادة تعريف الجامع باعتباره ليس مكانا بالأصل دينيا، وذلك لأنه مكانا جامعا لأنشطة أخري غير الصلاة، فكيف ندعي ان المسجد مكان مقدس أو ديني، بينما هو أيضا تجمع للقضاة وبعض الأنشطة التعليمية وأحيانا التجارية (ملحقا بمبني الجامع) ومكانا للشفاء في البيمارستان، بالتالي نستطيع استنتاج ما يلي :
ان تعريف المسجد لدي أولج جرابار باعتباره مكانا جامعا جاء نتيجة اعتقاد مسبق وغير معروف المصدر- يخضع فيه الجامع لمعيار تعريفه للمباني الدينية كالكنائس، وسبب ذلك ربما كان نتيجة الحال التي آلت إليه جوامعنا- أن الصلاة نشاط منعزل عن باقي جوانب الحياة، وموقفه وان بدا متحيزا لمنظومة دينية مختلفة، وقد يعتبر أساسا لنقض الفكرة العامة عن الصلاة باعتبارها وسيلة التواصل بين الخالق والإنسان، لكنه لم يتخذ هذه النتيجة الصادقة لتاكيد أن الإسلام ليس منعزل عن الحياة، وانه لا رهبنة في الإسلام، بل الدين والحياة وجهان لعملة واحدة،  بل استخدم استنتاجه ذلك كوسيلة أخري لتأكيد هدفه الأساسي، ان مبني الجامع لم يكن أمرا إلهيا بالتالي هو ليس مبني ديني، وبالتالي، لا يوجد مكان يمارس فيه الصلاة، أو لا ضرورة لوجود ذلك النوع المعماري، بالتالي فإن الفكرة الأساسية تم استيرادها من الكنيسة، ولم يجد أولج جرابار عضاضة ان تتحول كل معابد النار في مصر قبل المسيحية الي دور عبادة للمسيحيين، كما ذكر المقريزي، لكنه وجد تناقضا لوجود الإسلام كدين وعقيدة هي استمرار للبشرية وأن يكون الجامع كمعمار جامعا للحياة والدين معا مرة أخري،تعبيرا عن قيم مطلقة في تلك العقيدة، و كنموذج معرفي مختلف عن النموذج المعرفي الذي يقدمه معمار الكنائس، فوجود تشابه بين عناصر متنوعة داخل المسجد والكنيسة لا ينفي اختلاف الرسالة التي يتم التعبير عنها من خلال معمار كلا منهما، كما أن أصالة العنصر المعماري أو الزخرفي ليست إلا مادية في تفسير تلك العناصر، حيث ان أصل العنصر المعماري لا ينفي التحول الفكري الذي اصطحب التطور الشكلي لذلك العنصر.
ألا يكفينا معاناتنا من تحيز الغرب لجنسه المتفوق جينيا، كما يعتقد، إن علم الأجناس كما بدأ منذ قرون أثبت علميا (كما يدعي المستشرقون) أن جينات الجنس الأبيض تتفوق علي باقي الأجناس، كل ذلك لكي يكون ذريعة للاحتلال الذي استمر سنوات طويلة من التحكم في موارد الدول والإستبداد، أما أن يكون المصريين أنفسهم ذو نزعة طبقية عرقية أو فكرية أو جينية، فتلك سياسة أخري ورثناها عبر سنوات طويلة من الإستعمار، وسيلتك للتحكم في قطاع عريض من الشعب المصري البسيط ومن شعوب أخري كذلك، فتكون مصر صنعة الإستشراق، ومصر الآن صنعة الإستعمار عن بعد، ولنلقي نظرة عن قطاع عريض من أصدقائنا من الجنسيات الأخري المحبون لمصر، لكنهم أيضا يرون أنفسهم أكثر علما بها وأكثر أحقية بمدننا، وقد يكونون فعلا أكثر علما، لكن قطعا ليس بالضرورة يوجد لديهم فهم لطبيعة المصريين ولرغباتهم، لتركيبتهم النفسية، لأحلامهم البسيطة أو غير البسيطة، لطريقة معيشتهم. كل ذلك يتم رصده وتفسيره قياسا بنمط حياة آخر ليس من هنا.  الموقف المتحز موقف حضاري ، لا يختلف كثيرا عن موقف المتدينين الذين يريدون نزع الدين من باقي المسلمين خارج اطار منظومتهم، بإدعاء الأحقية التي منحهم لها الإله (علي حد زعمهم)
كيف لنا بعد ان اتضحت عنصريتنا ان نشجب أو نتشدق بشعارات المساواة والحرية ؟ نحن من يوظف هذه القيم.
كيف لهم بعد ان اتضحت عنصريتهم ان يشجبون أو يتشدقون بشعارات المساواة والحرية ؟ هم من يوظفون هذه القيم.
في النهاية أكاد أزعم انه لا يوجد شرق وغرب

لكن يوجد تحيز بلا بصيرة

المجاز

لماذا أبحث عن وجهك
في كل الوجوه
عقل صدم في جمال فان
حار في كل وجوه الزيف
قناع زيف لكل وجه
احتار له عشاق الحق
متي يذوب خداع في زهج صدق البلال
متي تنساب عذوبتك
اوردة كون لاهثا في مداره
بحثت عن كل حبك
فب عمر حبات الرل
وارتحالا مع كل قطرة ماء
وجدتك في ذاتي
منذ الابد
تحبني
كما لا اعرف الحب
هل كانت كل لحظة معك مدارها الابدية
وهل من لحظة الا معك

2011

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

بحر أسود

إليه يسبحُ التيار


قِمَمُ أهراماتٌ ذهبيةٌ
متبانية ُ الأطوالِ
كمدينةٌ منذ ُ الزَّمَنِ العَتيقِ
صامِتَةٌ تَجَمُّعاتُها
تردداتٌ لا مرئيةٌ تَرْبُطُهمْ
والصَّمتُ الوهميُّ يُخَيِّمُ عَليْها
تبْدو المدينةُ أُفُقًا لبَحْرٍ أَسْودٍ
أُحاولُ إِجادَةَ
منْطقَ تَلاطًمَ أمواجَهُ المُتشَعِّبَ داخِلي
وأَمامي
يبرُزُ الهرمُ المُتَعَدِّدُ القِمَمُ
ذو المستوياتِ المُرَكَّبَةُ فَوْقَ بَعْضِها
والمنُْزَلِقَةُ أَسْطُحِها
تَبْدو ملْساءَ وحَجَرِيَّةٌ
يُزَيَِنُها زُخْرُفاتٌ سُداسيَّةٌ وثُمانيَّةٌ
تَتَشابَكُ معًا في تَدَرُّجٍ من أَسْفَلَ لأَعْلي
يَراها المُسافِرُ منْ بَعيد
كرَمْزٍ للخلودِ يُشير

يبْدو كثيرونَ يُريدونَهُ
مِثْلي
يَسْبَحونَ ويُعافِرونَ التَّلاطُمَ وتَلاطُمِهِم
تبدو بَعْضَ الأَوْجهِ في ثُنائِياتٍ خَفِيَّةٍ
خَلْفَ اْبتسامات سَوْداءَ ونَظَراتٍ ذَهَبِيَّةٍ
يقتلان كلَّ منْ يُحاوُلَ الاقْتِرابَ

ويجْلسُ علي عرشِهِ
أصلَعٌ بِلا مَلامِحَ
في أَعلي الهرمِ يَطْفو
فوْقَ أَمْواجِهِ السَّوْداءَ
مُسْتَسلمٌ لِقُدْرتِهِ علي الجّذبِ
لِما يظنُّه مصيرَهُ المحْتوم
تَعلو قِمةُ الهَرمِ شمْسٌ سَوْداءَ
تشْرقُ بِضَوْئِها الذَّهبِ
علي أَفْئدَةٍ تَرْهبُ البَصيصَ لَكنْ تَتَشَرَّبَهْ
تكْرهُ السَّوادَ لكن تتَوشَّحَهْ
...
حِوارٌ صاخِبٌ وعَنيفْ
يعْلو رُويدًا رُويدًا
يبدو بينَ الوَجْهيْنِ وبيْنَ السابِحينَ
يشْتد.ُّ..منْ لا يَرْهبُ النَّظَراتَ السَّوْداء
...
لكنَّهُ يثورُ عارِمًا الآن
كجَبلٍ شامِخٍ 
ويشعل الوجْهانِ شُموعَ المُحيطِ
ذاتَ ضوءٌ لا نَري منه شَيْئًا
اخْتَفَتْ الوجوهْ
اختفَتْ المَدينةُ
اخْتفي كل أَسوَدٌ

الوُجوهُ كَثيرةٌ ومُتَبانيةٌ تَسْبَح
وأَري مِنْ مَكاني هذا
شاطئٌ مَعْدَنِيٌ مَصْقول
أَتَرَدَّدُ كَثيرًا فالكُلُّ يُهْرِعُ إِلَيْهِ
يُرَدِّدونَ حَديثًا عن النُّور
لكن أيْنَ هُوَ؟
 يَظُنُّونَ
الأضْواءَ البَيْضاءَ نورٌ ؟
مجهدٌ ذلك اليَمُّ الأَسْوَدُ
ما اعْتَدْتُّ هذا الزِّحامْ
أريد الخُروجَ الآن لكنَّ لا سبيلَ
للاسْتِيْقاظِ في عالَمي الأَصْلِيِّ
وقوةٌ تَمْنعُني منَ الغَرَقِ
وتَمْنَحُني رُؤْيَتَك وَنيسًا كَهِبَةٍ
إِليْهِ يسْبحُ التَّيارُ

مي حواس

27- اغسطس
5 سبتمبر  2014