السبت، 21 فبراير 2015

فيروزة العبق

عن الأرض الفيروزية العبق
عن فيروزة العبق
التي يكون فيها غريبا  تجاهل روح الشجر، والتي لا تشمل إلا عبير السعادة بها، 
متى يكتمل الحلم بها، متى نستنشق عطر الخلود؟ ونتذوق نشوة الفجر في عروقنا؟ زخارف الجدران حريرية حيث انزلاق النسيم يعزف لك ترانيم السلام، وأظن أن رونق الحدائق خفي، حيث تضمنا غابات شجرية تسمع الضوء خلالها من فرط السكون، 
هناك في تلك الفيروزية الممتدة حتى الأفق، كان طبيعي أن يأتون كل يوم من السماء، ينشدون، ويجتمعون 
مع أميرتهم، فتخبرهم، بأسرار العطاء، وحكمة الكون، وجوهر الانسان، كان طبيعي أن يأتي أناس عظيمة من كل مكان وزمان، فيض من الحكمة مسلسلا حتي بداية الزمان
كان من الممكن، أن يسير الإنسان بلا نهاية أو بداية بجانب النهر، ويكون سعيدا، هذا المكان ذو التربة الزرقاء
لا أدري متي رأيت هذا المكان أو ما كنهه، لكنه مبهج، ومشمس وسعيد، كنت أمر عبره، أتجرد فيه من رداء الدنيا، وأكون فيه ومضات متتالية، أو خطرات كثيرة متكررة، اختفي وأظهر كما أريد في أي مكان أو زمان، كثير ما كدت أنسي ذلك المكان، كدت أنساه تماما، مكان مولدي
قبل هنا، قبل الموعد الأرضي، قبل اندماج الروح في الرداء، 
وكنت أنسي أن الحجب تخدعني، فما أسهل ما تجنيه منها، كما هو سهل الفقدان
ارتفعت تلك الغلالات تدريجيا، فتارة يبدو المحيط كأنه وهم، غشاء، شكلي يخفي سر الوجود، يخفي الجليل، يخفي الشوق والعنفوان، والسر لمن يريده، ولمن يسعى، وتارة ترتفع الغلالات، فيبدو الرياح تتحدث معي أو مع الكائنات، بأخبار أماكن اخري، أو بما سيحدث خلال ساعات،
وأحيانا تختفي الغلالات، للصمت عن الكلام، للبوح بالاتفاق، أو بالاشارات، أو بالغناء، وأحيانا بالنقش على نفس الوتيرة المتتالية الرياضية، فيبدو الهرم في كليته، لغز يماثل نفس لغز مقياس كل حجر
أو كما تبدو سردية قدس الأقداس، في هيبة نور المدخل الصرحي، مسرح الكون مصدرا في الصحن، والإيقاع يتحرك بك والضوء 
قد تختفي الدلالات العقلية، لتنسي المعني من حيث رياضيته، لكن عند اختفاء الغلالات، يبدو المنطق العقلي ساذجا، بسيطا، وتابعا لما تريده الروح من رمز أو معني
تختفي الغلالات لأرى الأرض ممتدة بلا نهاية في اللازمان، وأنا لست انا، وهناك أناس ليسوا بأنا
وتكون فيروزية العبق، منبع الوجود، حيث نشهد رفعة الإنسان عندما يكون إنسانا بلا صغائر. 
وتبدو كلمات المقدس  كصروح مشيدة، يبدو كل شئ متجليا، كل معني له شكل، كل معنى له معمار يميزه ويشكل فراغاته، ورونقه، وكتله
أبدو كيانا بلا رداء دنيوي، يمرح، إلى حين في ذلك المكان، ابكي لفراقه، وفراق الاحباء
حديث قديم وبسيط
لكنه أكثر حقيقة من فقه اللغة الذي اخترع موت الكاتب
أقف لا أدري ماذا أكون الآن، لا أبين شعوري، فلست انا صاحبة المكان، وأنني أرغب بالبقاء قليلا قليلا، لكن هيهات، تريد أن تحلق عاليا في السماوات، واتطلع عاليا، فكيف سأصل لهذا المكان العلي، إنني العابدة الارضية، التي لا تملك شيئا يرفعها
كيف اصل، لأراها مرة أخرى في جنانها، كيف ؟
يبدو المطر منسدلا كغلالة سماوية تشف عن ألف سماء خفية من السلام، موجودة منذ الأزل، لكن العيب في الأبصار، كيف أصل؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق