الجمعة، 27 فبراير 2015

موقف ذاكرة...

موقف ذاكرة
تذكرت الآن نفسي ، عندما تذكرته، لا يتحمل أفقي الكثير من ذلك الحضور منه، ربما لأنني بداخله، بذلك المدار، ربما خاصمني لكوني بطيئة الحركة، لكوني أنشغل بالطريق عن الغاية، غير انني عبر ذلك الطريق، نسيتني، وغيبت تماما عني، لم أعد أراني لأنني لم أعد أراه، لم أعد أراه لأنني لم أعد أنظر أمامي، بل بجانبي أو خلفي ، فاختفي تماما عني.
تذكرت مراقبتي للساعات، ومراقبتها لي، لا أشعر بها وأتجاهلها ولا تتجاهلني ، تذكرني أكثر بالمسافات الفاصلة بيننا مكانيا ، زمانيا بل كونيا، العالم الذي أنتمي إليه لا يتقاطع إلا نادرا مع عالمه ، اذا صدقت في عزيمتي بطريقي فقط، وذلك هو بالضبط الدليل، دليل كوني بعيدة بارادتي او استسلاما لرحيله المباغت عن عالمنا، بدون مجال للتبرير، ربما لا يحتاج تبريرا بالحروف، ربما يظن الآن أنني نسيته
لم نسيته ، لم رفضت تذكره طيلة كل تلك الفترة،ربما لأنه صعب المنال جدا، اختفت أرضه تماما، تهت عن تلك الأرض التي دلني إليها ، لم أعتد السير في برد لا يرحم، وتشتت الأفكار وتداخلها حولي، باختفائه ، اختفي عني ذلك الصرح الذي شيده، كما اختفي عني سبب وجودي، لقد دلني عليه بلا بوح، بلا تجسيد له، ترك لي تلك المهمة واثقا من مثابرتي.
لا لم أنسك،  وفي غمرة النسيان ، نسيت ذاكرتي، نسيت كينونتي، نسيت عزيمتي، ولم تنسني ، ولم ينسني الطريق.
لم أنسي وجودك بل احتجت اليه ،لقد نسيت مقالك ،نسيت وجودك الغير مرئي، نسيت انك كنت دوما بداخلي وليس فقط خارجي، نسيت كما تري عيني الثالثة...الآن فقط تذكرتك عندما كنت فقط الموجود حقيقة برغم غيابك ،في لحظات وحدة طويلة ، لحظات هاوية منعتني عنها بمجرد يقيني بوجودك الخفي بي.
ربما الأرض التي تركتها ، لم تختف كما اعتقدت، لم تختف بل اختبأت خلف غيوم ما، ربما مازالت الأبراج تنتظر مشيديها ، ربما مازالت الحروف تحمل الشعور، ربما مازال البحر ينتظر اكتشاف لؤلؤه، ربما مازالت أسرار العلوم حية لا تتنفس إلا في نبض الباحثين عنها، ربما مازالت تحتاجنا تلك الأرض، ربما مازال يمكنني السير إليها.
إن ألم نسيانك أمر وأشد من ألم تذكرك، فمع النسيان لا انتقاء لما تنساه، كما أنه يمحي تفاصيلك وكل وجودك معه، أما ألم تذكرك، فهو ألم سعيد يبشر باصطحابك دوما ، ويبشر بذلك المكان الذي نبنيه معا لعالم أفضل، لعالم انساني، تري كيف كان صعب أن البسمات التي اعتدناها منك بسيطة وتلقائية ومفعمة بالحياة وعفوية ،أصبحت إرثا لابد من إحيائه،  ابتسامات من حق اي انسان بسيط لكونه انسان فقط ونفسه.
الترك موقف لديك ، والتيه حالة لاملازمة بها لموصول لعالم الحق ولا اذن فيها اليه او اليك، والبصيرة موقف لقلب يريد الرؤية

الي زكي حواس
مي حواس
أغسطس 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق