السبت، 22 أغسطس 2015

أنا رقمي 050160

أنا رقمي 050160

نسيت اسمي، لانه لم يعد دالا علي شخصي المتواضع ، فمن أكون إذن ؟ غير رقم دلالي، بل لي عدة أسماء أقصد أرقام تعريفية، كل مكان يمنحني رقما، يعرفني به، وبدونه لا وجود لي، بدونه أختفي، كما يتبخر الندي عند استهلال شمس التاسعة صباحا
إذا خرجت من منزلي، هناك رقم خاص يعرفني الناس به، ووجودي متعلق بذلك الرقم، وكل مصالحي، فسجلات وجودي علي قيد الحياة، وسجلات تعليمي، ومنحي الشهادات، تتعلق بهذا الرقم، والسجلات التي تعترف بكوني موظفة أيضا تتعلق بهذا الرقم، الرقم أهم مني، الرقم والأوراق لا تحمل الا صفة الرقم، وبعض البيانات التي تجعله فريدا غير متكرر، بيانات منها، تاريخ مجيئي الروحي والبدني للعالم، وبيانات اخري تتعلق بمكان تواجدي في تلك البلاد، تحديد للموقع، حمدا لله أنه لم يكن تحديدا للتحركات داخل البلاد، وهناك بيان مهم جدا يحدد نوعي الجنسي، وبيانات أخري، لكن ما كنت أريد إضافته في ذلك انه لا يحمل صفات معنوية، إنه مجرد حصر بياني، وفعلي للموجودين علي الأرض، أقصد علي الأرض وفي تلك البلاد تحديدا، وبالتالي، ان فقد ذلك الرقم، لابد من استخراج بطاقة بديلة، لان هناك احتمال ان ينتحل شخصا ما شخصيتي، كيف ينتحل شخصا ما شخصيتي بامتلاكه هذه البطاقة، انه شئ بغيض، وغير مفهوم، فكيف يمكن ان يحمل روحي سواء، وملامحي الانسانية، كيف يصدق الناس الرقم بدون ان يكون دالا علي الروح ؟ وكيف يمكن ان يكون هناك بصمة للروح ؟ تجعل من المستحيل حدوث تقمص شخصية لشخصية أخري، وما هي الشخصية؟ هل هي ذلك الرقم فقط؟ أم انها تاريخ وروح وتركيبة انسانية لها ملامح مميزة ؟
غالبا لأن تلك البطاقة ليست بطاقة روحية، ولا بطاقة نفسية، بالتالي، فاستخدام ذلك الرقم - بغض النظر عن تطابق الصورة الموجودة عليها مع الشخصية التي تحمله –سهلا ميسورا، لقد اخترعنا وسيلة سهلة ومريحة ليتقمص البعض شخصية آخرين، ولأن الماكينات والبشر لا يتعرفون علي بعضهم البعض الا من خلال تلك البطاقة، لذلك، فالبطاقة أهم من الوجود الإنساني، اهم من الانسان، لأنها اثبات له، أي أنها بطاقة إلهية مقدسة.
لا تتعجبوا، فالرقم ذلك، جزء لا يتجزأ من عقيدتنا المدنية، لكنه ليس الرقم الوحيد، هناك مئات الأرقام التعريفية، التي تحكي تاريخنا، وخصائص وجودنا علي الأرض، وتحديدا ان كنا مضطهدين أم مميزين، بل تحمل الأرقام تاريخنا الطبقي، في معظم الأحوال يكون محددا في الوقت الحاضر ليس ذو امتداد تاريخي طويل، الا لو كان ذلك الرقم مهما جدا، وهناك أرقام أخري تحدد مدي تميزنا العرقي، ومدي الحماية التي يمكن الحصول عليها من الشر في هذا العالم، ومن الظلم، هناك رقم يحدد أهمية العلاج الذي نحصل عليه، ومدي العناية التي نتلقاها، ان وجودنا المدني هو وجود رقمي بالأساس، لكنها أرقام منفصلة عن النظام الرقمي الطبيعي، وبالتالي لا ترتبط بالعقيدة، ولا بالطبيعة في شئ، أي أنها أرقام حصرية ، يمنحها معاني منفصلة عن الروح، معان مادية تحدد نوعية وجودنا الأرضي المدني، وتحدد نوعية الحياة التي نحياها أيا كانت أهمية وجودنا الروحي والإنساني، لأن هذه الأهمية لا يمكن قياسها بالارقام، إلا إذا كان للنجاح الروحي آلية تمكن من قياسه، بالأرقام، ليتمكن المنظمون من ادخاله في النظام الرقمي المنظم لوجودنا، وبالتالي يخضعه لمعايير النجاح المادي، ويعترف بوجوده
ولا سبيل آخر لنجاح الروح
الا اذا تمكن النظام الرقمي من التعرف عليه، أي أن الروح لابد أن تتحول إلي رقم
رقم تعريفي، رقم ايداعي، رقم عائد. أليس هناك بصمة رقمية للروح ؟
أليس هناك نظام رقمي خاص بالأرواح، يحدد مدي رقيها ؟ هل هناك من يعمل علي قداسة الأرقام وارتباطها بالروح
هل يمكن قياس التضحية بالآلات ؟؟ أو الوفاء؟ الاخلاص. والخيانة كذلك. ماذا عن الأنانية؟
إن السبب الوحيد لانتشار مرض الأنانية هو ان الأجهزة لا تتعرف عليه، وتتعرف فقط علي الأرقام التي تمثل العائد، والعائد لا يتم تعريفه من خلال آلية الحصول عليه، وبالتالي، لا مانع من ارتكاب أي جريمة انسانية بالخفاء، أي بعيدا عن أي آلية رقمية تمكن من التعرف عليها

رقمي في مكان عملي هو 050160، وهو رقم اكتسب تميزا بمرور السنوات، تميزا م النوع  المتوسط، لأنه حديث نسبيا لانتمائه للألفية الثانية، بينما يزداد الامتياز كلما كان الرقم يشير الي تسعينيات هذا القرن، أو أقدم من ذلك، هناك أرقام أخري مرتبطة بعملي،تتعلق بنوعية الأداء، مثلا، هناك رقم خاص ذهبي متميز يتم منحه لكل القائمين بأعمال التلجراف الفوري وهذا عمل نبيل، يقتضي الإبلاغ الفوري عن كل الأحداث اليومية التي يعتقدها البعض غير مهمة وثانوية بينما تكون في حقيقتها معلومات مهمة عن المتحدثين بها، تمكن الجهات اعليا من اصدار بعض القرارات التي تضمن عدم تعارض مصلحة العمل مع مصلحة كل عامل، أو بمعني أصح قرارات تمكن الجهات العليا من حماية مصالحها ومصالح المؤسسة التي تتعارض مع المصلحة الخاصة للعامل، وأحيانا لو كانت بعض سياسيات المؤسسة تتفق مع الصالح العام للعاملين، تقوم بإلغائها، لكن بشكل تدريجي غير ملاحظ
هناك الرقم الفضي، وهو يلي الرقم الذهبي، وهذا الرقم هو الضامن لكل الجالسين في محطات الانتظار، من معرفة موقعهم القادم في المؤسسة، وذلك شرف لا يتم منحه الا لمن هم في يوم ما سيتم منحهم الرقم الذهبي، هناك رقم آخر، يرونزي، وهو رقم يكاد يكون عادي، وهو الرقم الذي يتم منحه لكل من يتم تقديم الوعود له، بمنحه الرقم الفضي، يليه الرقم الذهبي، وبالتالي فهو في حالة من الصراع المستمر والانهاك، وفي حالة من حالات صراع الديوك، أقصد صراع العاملين الآخرين الذين تم منحهم الرقم البرونزي، لأن الارقام الفضية أقل عددا من البرونزية


مي حواس
22-8-2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق