السبت، 18 يوليو 2015

الدائرة المغلقة

أتجول بين طرقات وغرف أماكن معروفة، وبين أوجه معروفة، كل من أعرفهم أو أريد رؤيتهم، بعض الأوجه محببة، بعض الأوجه من الكتب، كان الجميع يتحدثون معي عن قرار ما، مهم يتعلق باختيار أحد الوجوه، وهو قرار ضمني، أي غير معلن، خفي بشكل أو بآخر، أحد القرارات الضمنية التي تحركنا جميعا دون التحدث عنها، لكن الوقت حان لتحويله الي ظاهر القول، لم أكن أستطيع تحمل عبء هذا القرار وحدي، وكان ذلك وحده كفيلا بفقدان قدر كبير من شعوري بالاتحاد مع جوهري والثقة به، غير أن التبعات النفسية كانت اشد من اختيار المخاطرة، لعلهم شعروا بمخاوفي وأرادوا شد أزري علي خوض الحياة، لم يتم هذا القرار في وجودي، بل أثناء سفري، وقد لمتهم علي ذلك، لكن يبدو ان الوقت قد أزف، ولم تكن تخطيطاتي دقيقة كما ظننت.كان يقف بعيدا في منزلنا، أمام المرآة استعدادا لرؤيتي، يبدو فتيا، ناضجا، أعرف هذا الوجه، ربما التقيته منذ بضعة أعوام، لم أكن أدرك أنه المختار.
كنت مع عائلتي في اجتماع، أراقبه واقفا في غرفة اخري، كان ما زال يتأمل نفسه، وبدأ الحوار يدور الجميع يحيط بي، والديَّ، واخوتي، يخبرونني ان ذلك اختياري وليس العكس.
وفجأة وجدناه معنا، في الاجتماع، لا أدري لم كبر فجأة، وظهر الشيب عليه، لا أتذكر من هو تحديدا الآن، رغم أني أعرفه، لم يكن ذلك الوسيم الحالم، وكان ينظر لي راجيا،كنت أنا التي ترجوه في ظاهر الأمر، لأنه يعلم تماما ما بداخلي نحوه. لم تكن التفاصيل مهمة للدرجة، فالموقف حكيم أكثر مما تتحمله التفاصيل، فربما كانت الرسالة، اننا نختار ان نختار او اننا نقبل أن نكون احدي اختيارات الآخرين، وان الجميع يدرك ذلك، لكن السباق هو في سرعة الادراك والتصرف قبل ان تكون انت أحد اختيارت الناس والظروف، ربما لم تكن الرسالة التي أنفذها ليست إلهية، وليست صوتي الداخلي، كما ظننت، ربما هي صوت حنون لكنه ليس صوتي، بينما الرسالة الإلهية هي تعديل اماكن المكعبات ووضعها في أماكنها الصحيحة.
كان يعلم حيرتي، وعدم اكتمال استقلاليتي او ثقتي في استقلال القمر رغم وجوده في مدار الأرض وأن الأرض مستقلة رغم وجودها في مدار الشمس، وان الكون كله عبارة عن مدارات تدور حول مدارات أخري..أكبر منها او أكثر قوة عنها، أو لها دور آخر ، رغم ذلك كان مهما جدا وجودها، فبدون اي نجم موجود في السماء لاختل تكوين الكون، رغم ان عددها يقدر بالملايين، ونحن كذلك كملايين البشر، عندما نقرر ان مفتاح الصندوق ليس ان ندور حول رؤية واحد فقط، فذلك قرار يغير الحياة علي الأرض.، يغير موازينها، عندما نقرر ان نمتنع تماما عن دائرة الرأسمالية الفارغة، عندما نقرر ان نستخدمها من أجل مبادئ أخري وليس اخلاصا لها، قد ينقذنا الله من براثنها كيف نخلص للحرية ان كان الكل عبدا لشئ ما؟
لم أكن أعلم سبب اهتمامه، لكنه تحدث عن استقلالي المادي، لم أعد أدرك الفرق بين سلطة المادة والسلطة الاجتماعية، قد تم برمجتي ان هناك مجموعة من القوي المتحكمة في تعديل رغباتي بحيث تتفق لما هو مطلوب مني تماما، وكان النجاح بالنسبة لي هو تقليل مساحة الاختلاف، كنت أريد طمس معالمي، وتميزي، لأنه كان مصدر عذابي المستمر فطيلة الوقت هناك صراع ضدي، كأنه ليس مطلوبا مني أي شئ، غير هذه الأشياء العادية اليومية، حتي ظننت يوما، أن لا سبب كاف لوجودي، فكنت رقما عاديا بين الأرقام وذلك قمة النجاح، ويكفيني تهنئة كل الأقوياء الذين حطموا العادية، ولكن لم أكن أدري كيف يفعلون ذلك.ما هي القوي الجبارة، أو الحكمة التي تتنزل عليهم ليكونوا أنفسهم

ربما لم يعد دوري الا الدفاع عن تلك المساحة القليلة المتبقية، والتوقف عن ملاحظة أعين المتهكمين، فما أضعفهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق