السبت، 18 يوليو 2015

بلا عنوان

كيف ابدأ، ربما تتبخر الكلمات، لم تعد تتدفق كالموج الربيعي، لم أعتد انحسار أمواج التدفق الشعوري كل تلك المدة، لا أستلهم من داخلي لك الجنان التي كنت أراها تتجسد أمامي كلما لمحت أحد الأطياف،
يا تلك الامواج التي تخاصمني، اكشفي لي عن بحر البحر داخلك، أبحري بي الي منتهاك، لا تستمعي لصوت الخوف داخلي الذي يهزني، فهو وهم وسراب، لكنه تجسده يبدو حقيقا اكثر من جسدي، لا تتركيني علي الشاطئ لا أدري وجهتي، فالإبحار فيك يا محيط لهفتي، وغايتي المستكينة دوما
بعيدة عنهم أحمي كل الطرق من تلصص نظراتهم المشككة، أغسل حصا الطرقات بأشعة شمس قلبي، لتطرد برود أجسادهم، وأعتني بورود بنفسجية لتجرح استهانتهم بالحياء، ولتشفيني من كذب الحياء المصطنع المقدم لي في ألوان ذهبية، أعزز الشجر المتضافر لمرمي البصر، أروي له أساطير العابرين المستظلين به، والمنكرين لوجوده في ذات الوقت، أمسح بكفاي، عبير الشجر، وأرطب شفتاي بعصير ثماره، لعل المستجير بالشجر، لا يعبأ أبدا باختفاء الجذور، بل تعززه روح تلك الجذور سريانا في الجسد
تلك كانت رحلتي، بين الشجر والورود والظلال، الحدائق كانت دوما خير تفسير للبشرية، بعض الحدائق دوما ليلية، لا يكتمل كمالها الا ليلا، وفي ضوء القمر المنعكس علي أوراق شجرها اللامع، وبعض الحدائق عتيقة، تثير في النفس حكايات الزمن العتيق ايضا، فتعجب بها رغم عدم تهذيبها، ووجود التراب علي الكراسي المتناثرة في غير اتساق، أو في اتساق فقد معناه منذ زمن، ولم يعد هناك اهتمام بإعادة بث المعني الحدائقي في صيغة جديدة، هناك حدائق لا تريد أبدا رؤيتها، فهي شائكة الطرقات، مخيفة، لا تحمل الا اللوم المستمر، والرغبة العارمة في سحر عينيك بسراب وهمي عن وجود بحيرات ومياه ونوافير، بينما هو انعكاس أشعة الشمس علي أرضها المصقولة الترابية، لتخدعك باحتمالية اكتشاف أسطورة خفية ومبهمة
أردت الكتابة، لكنني لا أدري، كيف يسكب القلب نفسه بدون ان يتألم كثيرا، وكيف أعيد قراءة سطور تفسي المختبئة، مرة أخري، بدون مواجهة الوحدة التي تزعجني، لذلك كلما هممت العزم للاقتراب من تلك المساحة المحظورة، بدأ الحراس في دفعي بعيدا عن نفسي، وتبدا معركة طرفها الأقوي هو الحراس، وطرفها المتخاذل هو رغبتي في رفض المتوقع، لم اعتد أبدا الضعف، ورغم ذلك، أتخذه والخوف خليلين، لا يفارقاني، حتي في النوم، هل أستحق النوم، وعقلي ملوث بالخوف ؟ بل يريد مني الخوف اكتمال الجنون كل شهر
لا أستطيع أن أعود أدراجي، لكنني لا أستطيع التقدم أيضا، لا أدري كيف اصبحت متجمدة، لكنه منعني من التقدم، وأنا منعت نفسي من نسيان كل شئ عنه، لم أستطع ذلك، لأنه مميت، ورغم عدم رؤيتي له، رغم وجود كل شئ يمنع معرفتنا، رغم وجود كل شئ يمنع استمرار معرفته، سهل جدا تجاهل المشاعر، أو الهروب منها، لكنها دوما ستكون بانتظارك، لأنك حتما ستعود يوما، والا ستخسر العمر كله
كيف تمتنع عن المشاركة التي تجعل من المعرفة حدائق ، وكيف ترضي بقليل من الماء، بينما انت تستحق النهر كله،
كنت ألمح كل عبارات الشعور تتحول لحقائق رقمية، وأخري تتحول لعبارات عقلانية واقعية، واخري تتتحول لمحاولات اسكات كل صوت للشعور، لم أعد أدري ان كان ما يميزني هو عين العيب الذي يراه بي، ولكنه لا يريد ان يواجهني بذلك، وفقط يحاول اصطياد كل شعور وتجسيده في تمثال لا سبب لوجوده، بل ربما ليس متكامل النسب او المعني.
ربما لم أعد أدرك كثيرا منه، فعندما أدنو من الأرض أفقد قدرتي علي الطيران، بل أفقد قدرتي علي الاستبصار والتاويل، شئ ما يتسرب من روحي إليه، لكنه يتكر ذلك، ولا يري الاعتراف بذلك التسلل، ما الأكثر إيلاما، هل التغاضي عن تغاضيه عن جرحه لكبريائي، أم التغاضي عن وجوده كلية رغم اختفائي ان فعلت ذلك ؟
لم يعد يهم كثيرا ان يعترف بوجودي، فعدم الاعتراف هو اعتراف ضمني، خلف حجب الملكوت، ستسقط يوما ما في عالم الجبروت
لكن في ذلك اليوم ،ستكون ذاكرتي القصيرة قد نسيت تفاصيل الألم واسباب وجوده، ولن يكون هناك دليل الا بؤبؤ العين المجروحة، واللؤلؤ المنثور باستهانة علي الشاطئ أو في القلب







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق